السبت، 5 مارس 2016

حديث (السقارون) ضعيف منكر متداول بين الناس!!

 كتبه/ د. خالد بن قاسم الردادي.



متن الحديث:

عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: « لَا تَزَالُ الْأُمَّةُ عَلَى شَرِيعَةٍ مَا لَمْ تَظْهَرْ فِيهِمْ ثَلَاثٌ: مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْهُمُ الْعِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهِمْ وَلَدُ الْخَبَثِ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السَّقَّارُونَ » قَالُوا: وَمَا السَّقَّارُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «بَشَرٌ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ تَكُونُ تَحِيَّتُهُمْ بَيْنَهُمْ إِذَا تَلَاقَوِا التَّلَاعُنُ».



غريبه:

(السقارون) بسين أو صاد مهملتين وقاف مشددة ؛ وهم الكذابون، وفسره في خبر آخر بأنهم: نشء يكون في آخر الزمان تحيتهم إذا التقوا التلاعن، وإليه يميل كلام أهل اللغة.
"فيض القدير"(3/337).


تخريجه:

أخرجه أحمد (24/391) رقم (15628)، والطبراني في "الكبير" (20/195) رقم (439) ، وابن عدي في "الكامل" (3/151) من طريق رشدين بن سعد.
والطحاوي في "مشكل الآثار" (1/289) رقم (320)، والحاكم (4/444)من طريق يحيى بن أيوب. كلاهما عن زبَّان بن فائد، به.


الحكم عليه وبيان درجته:

حديث ضعيف منكر، تفرَّد به زبَّان بن فائد وهو ضعيف، ضعفه ابن معين، وقال أحمد:"أحاديثه مناكير". وقال ابن حبان:" منكر الحديث جداً؛ يتفرد عن سهل بن معاذ بنسخة كأنها موضوعة، لا يحتج به ". ينظر:"الميزان"(2/65)، و"تهذيب التهذيب"(3/308).
صححه الحاكم على شرطهما، وتعقبه الذهبي بقوله:"منكر، وزبان لم يخرجا له".
وقال الهيثمي في"مجمع الزوائد"(1/202): "رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة وزبان، وكلاهما ضعيف، وقد وثقا". 
وقال الألباني في"السلسلة الضعيفة"(1/523) رقم (347):" منكر".

والله الموفق والمعين.
نبذة عن مكانة الصحيحين ومنزلتهما

كتبه/ د. خالد بن قاسم الردادي.


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده...وبعد:

فمن المسلَّمات عند المسلمين؛ أن للصحيحين منزلة سامية عظيمة، وأنهما أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل-، وقد تكاثرت وتضافرت نصوص العلماء في بيان هذا المعنى وتقريره.
قال ابن الصلاح -رحمه الله-: "جميع ما حكم مسلم بصحته من هذا الكتاب فهو مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر، وهكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه؛ وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يُعتد بخلافه ووفاقه في الإجماع، والذي نختاره أن تلقي الأمة للخبر المنحط عن درجة التواتر بالقبول يوجب العلم النظري بصدقه، خلافًا لبعض محققي الأصوليين حيث نفى ذلك؛ بِناء على أنه لا يفيد في حق كل واحد منهم إلا الظن، وإنما قَبِله لأنه يجب عليه العمل بالظن، والظن قد يخطىء. وهذا مندفع؛ لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ"(1). 
وقال النووي -رحمه الله-:
"اتفق العلماء -رحمهم الله- على أنّ أصح الكتب بعد القرآن"الصحيحان" البخاري ومسلم،وتلقتهما الأمة بالقبول"(2).
وقال ابن تيمية-رحمه الله-:
" وَأَمَّا كُتُبُ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةُ : مِثْلَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ ،فَلَيْسَ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ بَعْدَ الْقُرْآن "(3).
وقال أيضاً:" وَالْبُخَارِيُّ أَحْذَقُ وَأَخْبَرُ بِهَذَا الْفَنِّ مِنْ مُسْلِمٍ ; وَلِهَذَا لَا يَتَّفِقَانِ عَلَى حَدِيثٍ إلَّا يَكُونُ صَحِيحًا لَا رَيْبَ فِيهِ قَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى صِحَّتِهِ ،ثُمَّ يَنْفَرِدُ مُسْلِمٌ فِيهِ بِأَلْفَاظِ يُعْرِضُ عَنْهَا الْبُخَارِيُّ ،وَيَقُولُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ :إنَّهَا ضَعِيفَةٌ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ مَعَ مَنْ ضَعَّفَهَا : كَمِثْلِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعٍ وَقَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ مَعَ مُسْلِمٍ وَهَذَا أَكْثَرُ.."(4).
وقال العيني: "اتفق علماء الشرق والغرب، على أنه ليس بعد كتاب الله تعالى أصح من صحيحي البخاري ومسلم"(5).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:" أما الصحيحان: فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع غير سبيل المؤمنين "(6).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:" واعلم أن ما كان من الأحاديث في الصحيحين أو أحدهما جاز الاحتجاج به من دون بحث لأنهما التزما الصحة وتلقت ما فيهما الأمة بالقبول "(7).
وقال الشيخ أحمد شاكر-رحمه الله-:
" الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين،وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمور:أن أحاديث"الصحيحين"صحيحة كلها،ليس في واحد منها مطعن أو ضعف . وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث ،على معنى أن ما نتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه .وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها,فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين أن في"الصحيحين"أحاديث غير صحيحة، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها،وانتقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم،واحكم عن بينة، والله الهادي إلى سواء السبيل "(8).
ومما يدل على قدر "صحيح الإمام البخاري" ومكانته قوله هو نفسه :" صنَّفت كتابي الصحاح لست عشرة سنة ، خرَّجته من ستمائة ألف حديث ، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى "(9).
وروى الفَرْبَرِي عن البُخَارِيّ قال : " ما أدخلت في الصحيح حديثا إلا بعد أن استخرت الله تعالى وتيقنت صحته "(10). 
وأما عن الدقة فقد روى الإسماعيلي عن البُخَارِيّ قوله :" لم أخرِّج في هذا الكتاب إلا صحيحا وتركت من الصحيح أكثر "(11).
وقال محمد بن يوسف نبأنا محمد بن أبي حاتم قال : سئل محمد بن إسماعيل عن خبر حديث فقال :" يا أبا فلان تراني أدلِّس ؟ تركت أنا عشرة آلاف حديث لرجل لي فيه نظر ، وتركت مثله أو أكثر منه لغيري له فيه نظر "(12).
وعن إبراهيم بن معقل النسفي أنه قال : سمعت محمد بن إسماعيل يقول :" ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول "(13).
وقال الذهبي -رحمه الله-:"وأمّا جامعه الصحيح فأجل كُتب الْإِسلَام وأفضلها بعد كتاب اللَّه تعالى"(14).
وقال ابن الأهدل، والحافظ أبو نصر الوائلي السُّجزي، وإمام الحرمين الجويني بألفاظ متقاربة : 
"أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في صحيح البُخَارِيّ مما رُوِيَ عن رسول الله قد صح عنه وأن رسول الله قاله لا شك فيه ، أنه لا يحنث والمرأة بحالها في حِبالته لذا فإن صحيح البُخَارِيّ كان عند الناس - من المحققين العلماء - كالذهب الإبريز في نقاء أحاديثه متنا وسندا ، فعرف العلماء المحققون من علماء الحديث الشريف له ولمؤلفه مكانته ، إلى حَدِّ أن الحديث لو أورده البُخَارِيّ من غير سند كان محل قبول"(15).
وقال الإمام مسلم -رحمه الله- في مقدمة "صحيحه": 
" وَاعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ عَرَفَ التَّمْيِيزَ بَيْنَ صَحِيحِ الرِّوَايَاتِ وَسَقِيمِهَا وَثِقَاتِ النَّاقِلِينَ لَهَا مِنْ الْمُتَّهَمِينَ ؛أَنْ لَا يَرْوِيَ مِنْهَا إِلَّا مَا عَرَفَ صِحَّةَ مَخَارِجِهِ وَالسِّتَارَةَ فِي نَاقِلِيهِ، وَأَنْ يَتَّقِيَ مِنْهَا مَا كَانَ مِنْهَا عَنْ أَهْلِ التُّهَمِ وَالْمُعَانِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ "(16).
فهذه الحقيقة التي أثبتها الإمام مسلم في "مقدمة صحيحه" وأرشد إليها هي المنهج الذي سلكه في تأليف "صحيحه"، فقد بذل وسعه وشغل وقته في جمعه وترتيبه،وإليك البيان:
قال محمد الماسرجسي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: 
" صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة "(17).
وقال ابن الشرقي سمعت مسلماً يقول: 
" ما وضعت في كتابي هذا المسند إلا بحجة ،وما أسقطت منه شيئا إلا بحجة "(18).
وقد مكث في تأليف هذا الكتاب المبارك خمسة عشرة سنة قضاها في التحري والتثبت والعناية التامة بهذا المصدر الأساس لمعرفة الحديث الصحيح، جمعاً وترتيباً ،وساعده في كتابته بعض تلاميذه طوال هذه المدة.
قال أحمد بن سلمة -تلميذ الإمام مسلم-: 
" كتبت مع مسلم -رحمه الله- في صحيحه خمس عشرة سنة وهو اثنا عشر ألف حديث "(19).
ولم يكتف الإمام مسلم -رحمه الله- بما بذله من جهود عظيمة في تأليفه بل أخذ في عرضه على جهابذة المحدثين واستشارتهم فيه:
فعن مكي بن عبدان- أحد حفاظ نيسابور- قال:
سمعت مسلما يقول: " عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي ،فكل ما أشار أن له علّة تركته ، وكل ما قال إنه صحيح وليس له علّة خرجته "(20).
وهذا منه -رحمه الله- غاية في الاحتياط والتثبت من جهة،وفي التواضع وقصد الصواب من جهة أخرى، ونتيجة لهذه العناية التامة التي تجلَّت في تلك الأدلة انشرح صدر الإمام مسلم لهذا النتاج القيم وارتاحت نفسه لذلك فأخذ يرغب الناس فيه ويؤكد أنّ كتابه عمدة يعوَّل عليه في معرفة الصحيح :
فعن مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: 
" لو أنّ أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسند" - يعني صحيحه- "( 21).

واعلم -وفقك الله- أنه لم يقدم على نقد أحاديث الصحيحين أو أحدها سوى أئمة نقّاد حفاظ جبال في علم العلل وسبر الروايات والرواة، مع شهادة القاصي والداني لهم بالإمامة في هذا الشأن ، ومع براعتهم في النقد ودقتهم لم يتحصل لهم سوى أحاديث معللة يسيرة في الصحيحين ، ومع هذا لم يسلّم جماعة من أئمة هذا الشأن لهم ذلك وقالوا بأنّ أكثر الانتقادات فيها ماهو غير مسلم والإيراد عليه غير وارد، وما لا جواب عنه منها نزر يسير لا يعد شيئاً في جنب الآلاف من الأحاديث الصحيحة التي اشتمل عليها "الصحيحان".

وبعد : 
فهذا نزر يسير وباقة عاطرة من أقوال الأئمة الأعلام في شأن الصحيحين، بما يُفيد الإجماع على مكانتهما عند الأمة، وجلالة قدرهما عند العلماء كافة، وعند أهل الحديث خاصة، بحيث أصبحا هما الفيصل عندهم في بيان حجة الرواية وقُوَّتِها، فإذا ذُكِرَ الحديث في كليهما أو أحدهما، أخذوه بالقبول؛ لذا جعلوا شرط البُخَارِيّ أو شرط البُخَارِيّ ومُسْلِم حجة للروايات في غيرهما، بِها ترفع مكانتها، وينفى الشك عنها، فكان مجرد شرطهما أو شرط أحدهما، شهادة إثبات وتشريف، وإعلاء مكانة ومَنْزِلَةٍ.
وقد تبيّنَ لكل ذي عالم متبحر ، أو متسلِّق متسوِّر ، وزنَهما بين أمة الإسلام ، ومقامهما بين الأئمة الأعلام ، وأظن بعد هذا كله ، والاستفاضة بالبيان ، لا يعترض معترض إلا لحاجة في نفسه ، وغرض مبطَّن في قلبه، ولا يُقبل أن يأتي أحد في هذا الزمن المتأخر، فينتهك مكانة الصحيحين المتفق عليها بين المسلمين جيلًا بعد جيل ؛ والله حسبنا ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين.

--------------

(1) "صيانة صحيح مسلم"(ص 85-86).
(2) مقدمة"شرح مسلم"(1/14)، وينظر:"تهذيب الأسماء"(1/91).
(3) "مجموع الفتاوى"(18/75).
(4) "مجموع الفتاوى"(18/20). 
(5) "عمدة القاري"(1/5).
(6) "حجة الله البالغة"(1/232).
(7) "نيل الأوطار"(1/22).
(8) "الباعث الحثيث"(ص37).
(9) "تاريخ بغداد" (2/14).
(10) "هدي الساري"(ص347).
(11) "هدي الساري"(ص7).
(12) "تاريخ بغداد" (2/25)، و"تاريخ دمشق"(52/77).
(13) "سير أعلام النبلاء"(12/415)، و"فتح المغيث" للسخاوي (1/45). 
(14) "تاريخ الإسلام"(6/140).
(15) ينظر:"علوم الحديث" لابن الصلاح(ص26)، و"صيانة صحيح مسلم"(ص 85-86).
(16) "مقدمة مسلم"(1/8).
(17) "تاريخ بغداد"(13/101)، "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى (1/194).
(18) "صيانة صحيح مسلم"لابن الصلاح(ص98)،"تذكرة الحفاظ"(2/590)،"سير أعلام النبلاء"(12/580).
(19) "طبقات علماء الحديث"(2/288)،"تذكرة الحفاظ"(2/589)،"سير أعلام النبلاء"(12/566).
(20) "تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم"للحاكم(281)،"صيانة صحيح مسلم"(ص68،98)،"شرح النووي على صحيح مسلم"(1/15،26)،"سير أعلام النبلاء"(12/568).
(21) "صيانة صحيح مسلم"(ص68)،"شرح النووي على صحيح مسلم"(1/15)،"سير أعلام النبلاء"(12/568،579).





مسائل وفوائد في صيام الست من شوال
كتبه/ د. خالد بن قاسم الردادي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد:


أولاً- عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ » .
أخرجه مسلم (2/822)رقم(1164)، وأبو داود رقم(2433) والترمذي رقم(759)، وابن ماجة رقم(1716) ، وأحمد رقم(23533)و(23561) وغيرهم من طرق كثيرة ، عن سَعْدِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيّ ، عن عمر بن ثابت ، عن أبي أيوب به، مرفوعاً .
قال الترمذي : "حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ" . 
وقال:"  وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الحَدِيثِ فِي سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ " . 
و لم يتفرَّد به، بل تابعه:
 صفوان بن سليم - وهو ثقة - عند أبي داود رقم(2433)، والدارمي (2/21)، وابن خزيمة رقم(2114)، وابن حبان رقم(3634).
 ويحيى بن سعيد عند النسائي في "الكبرى" (3/240)رقم(2879).
 قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ(ت771هـ):"وقد اعتنى شيخنا أبو محمد الدمياطي بجمع طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجلاً رووه عن سعد بن سعيد، وأكثرهم حفاظ ثقات منهم السفيانان، وتابع سعداً على روايته أخوه يحيى وعبد ربه وصفوان بن سليم وغيرهم، ورواه أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
ثوبان، وأبو هريرة، وجابر، وابن عباس، والبراء بن عازب، وعائشة" ["سبل السلام"(1/582)].
 وقال الصدر المناوي (ت803هـ):" وطعن فيه من لا علم عنده، وغرَّه قول الترمذي حسن، والكلام في راويه وهو سعد بن سعيد، واعتنى العراقي بجمع طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجلا رووه عن سعد بن سعيد أكثرهم حفاظ أثبات" ["فيض القدير"(6/161)].
والحديث صححه أئمة الحديث وجهابذته، وفي مقدمتهم: الإمام مسلم وكفاك به جلالة، وقبله الإمام ابن المبارك، وأبو داود والترمذي والنسائي في "الكبرى" مع شدة تحريه وتوقيه وتثبته في نقد الرجال وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والبغوي في "شرح السنة" (6/331) والمنذري والنووي والعلائي والعراقي والهيثمي وابن حجر وشيخ الإسلام ابن تيمية فقد ذكره في "الفتاوى" (22/ 303) شارحاً له وموجهاً، وكذا تلميذه الإمام ابن القيم فقد توسع في بيان طرقه وشواهده والرد على من أعلَّه في "تهذيب السنن"(3/1204 - 1224)، والألباني في "الإرواء" (4/106)رقم(950) ـ رحمهم الله ـ .

ثانياً- قال العلامة الشوكاني ـ رحمه الله ـ في "نيل الأوطار" (4/305):" وقد استدل بأحاديث الباب على استحباب صوم ستة أيام من شوال ، وإليه ذهب الشافعي ، وأحمد ، وداود ، وغيرهم، وبه قالت العترة، وقال أبو حنيفة ومالك: يكره صومها، واستدلا على ذلك بأنه ربما ظنّ وجوبها، وهو باطل لا يليق بعاقل ، فضلاً عن عالم نصب مثله في مقابلة السنة الصحيحة الصريحة، وأيضاً يلزم مثل ذلك في سائر أنواع الصوم المرغب فيها ولا قائل به. 
واستدل مالك على الكراهة بما قال في الموطأ من أنه ما رأى أحداً من أهل العلم يصومها، ولا يخفى أن الناس إذا تركوا العمل بسنة لم يكن تركهم دليلاً ترد به السنة ". أهـ.
وقال في "تحفة الأحوذي" (3/403): " قول من قال بكراهة صوم هذه الستة باطل مخالف لأحاديث الباب، ولذلك قال عامة المشايخ الحنفية : بأنه لا بأس به. قال ابن الهمام : صوم ست من شوال عن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهته، وعامة المشايخ لم يروا به بأساً " انتهى.

ثالثاً- ما ثبت في فضل صيام الست من شوال تجعل المسلم حريصاً على نيل هذا الأجر والثواب الوارد في صيامها.
قال الإمام النووي -رحمه الله- في "شرح مسلم"(8/ 56):" وَقَوْلُهُمْ قَدْ يُظَنُّ وُجُوبُهَا يُنْتَقَضُ بِصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّوْمِ الْمَنْدُوبِ  "  انتهى .  
وقال أيضاً:" وَإِذَا ثَبَتَتِ السُّنَّةُ لَا تُتْرَكُ لِتَرْكِ بَعْضِ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ أَوْ كُلِّهِمْ لَهَا  ".
وصدق ـ رحمه الله ـ ، فإن الحجة في الأحاديث إذا صحت، لا بترك الناس لها، أو الرغبة عنها.

رابعاً- قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في "تهذيب السنن"(3/1230) : " ... اِخْتِصَاص شَوَّال فَفِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدهمَا: أَنَّ الْمُرَاد بِهِ الرِّفْق بِالْمُكَلَّفِ، لِأَنَّهُ حَدِيث عَهْد بِالصَّوْمِ، فَيَكُون أَسْهَلَ عَلَيْهِ فَفِي ذِكْر شَوَّال تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ صَوْمهَا فِي غَيْره أَفْضَل، هَذَا الَّذِي حَكَاهُ الْقَرَافِيّ مِنْ الْمَالِكِيَّة، وَهُوَ غَرِيب عَجِيب.
الطَّرِيق الثَّانِي: أَنَّ الْمَقْصُود بِهِ الْمُبَادَرَة بِالْعَمَلِ، وَانْتِهَاز الْفُرْصَة، خَشْيَة الْفَوَات، قَالَ تَعَالَى :{ فَاسْتَبِقُواالْخَيْرَات }، وَقَالَ: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبّكُمْ } وَهَذَا تَعْلِيلُ طَائِفَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّة وَغَيْرهمْ، قَالُوا: وَلَا يَلْزَم أَنْ يُعْطِيَ هَذَا الْفَضْل لِمَنْ صَامَهَا فِي غَيْره، لِفَوَاتِ مَصْلَحَةالْمُبَادَرَة وَالْمُسَارَعَة الْمَحْبُوبَة لِلَّهِ. 
قَالُوا: وَظَاهِرالْحَدِيث مَعَ هَذَا الْقَوْل، وَمَنْ سَاعَدَهُ الظَّاهِرُ فَقَوْلُهُ أَوْلَى، وَلَا رَيْب أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِلْغَاء خُصُوصِيَّة شَوَّال، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَة. 
وَقَالَ آخَرُونَ: لَمَّا كَانَ صَوْم رَمَضَان لَابُدّ أَنْ يَقَع فِيهِ نَوْع تَقْصِير وَتَفْرِيط، وَهَضْم مِنْ حَقِّهِ وَوَاجِبِهِ نَدَبَ إِلَى صَوْم سِتَّة أَيَّام مِنْ شَوَّال، جَابِرَةٍ لَهُ، وَمُسَدِّدَة لِخَلَلِ مَا عَسَاهُ أَنْ يَقَع فِيهِ، فَجَرَتْ هَذِهِ الْأَيَّام مَجْرَى سُنَن الصَّلَوَات الَّتِي يُتَنَفَّل بِهَا بَعْدهَا جَابِرَة وَمُكَمِّلَة، وَعَلَى هَذَا: تَظْهَر فَائِدَة اِخْتِصَاصهَا بِشَوَّال، وَاَللَّه أَعْلَم ".

خامساً- " ينبغي أن يتنبه الإنسان إلى أن هذه الفضيلة لا تتحقق إلا إذا انتهى رمضان كله، ولهذا إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان صامه أولاً ثم صام ستاً من شوال، وإن صام الأيام الستة من شوال ولم يقض ما عليه من رمضان فلا يحصل هذا الثواب سواء قلنا بصحة صوم التطوع قبل القضاء أم لم نقل، وذلك لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"من صام رمضان ثم أتبعه..." والذي عليه قضاء من رمضان يقال صام بعض رمضان ولا يقال صام رمضان، ويجوز أن تكون متفرقة أو متتابعة، لكن التتابع أفضل؛ لما فيه من المبادرة إلى الخير وعدم الوقوع في التسويف الذي قد يؤدي إلى عدم الصيام ".
[فتاوى ابن عثيمين –رحمه الله- "كتاب الدعوة" (1/52-53)]. 

سادساً- اختلف العلماء الذين قالوا باستحباب صيام الست من شوال  في: متى يشرع صيامها؟ على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يستحب صيامها من أول الشهر متتابعة، وهو قول الشافعي وابن المبارك، وقد روي في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: "من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة فكأنما صام السنة" [أخرجه الطبراني في"الأوسط" رقم(7607)، وغيره من طرق ضعيفة، ينظر: "السلسلة الضعيفة" رقم(5189)].
والثاني: إنه لا فرق بين أن يتابعها أو يفرقها من الشهر كله وهما سواء، وهو قول وكيع وأحمد.
والثالث: أنها لا تصام عقب يوم الفطر؛ فإنها أيام أكل وشرب ولكن يصام ثلاثة أيام قبل أيام البيض وأيام البيض أو بعدها، وهذا قول معمر وعبد الرزاق، وروي عن عطاء حتى روي عنه أنه كره لمن عليه صيام من قضاء رمضان أن يصومه ثم يصله بصيام تطوع وأمر بالفطر بينهما، وهو قول شاذ.
وأكثر العلماء -وهو الصحيح- على: أنه لا يكره صيام ثاني يوم الفطر، وقد دل عليه حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «أما صمت من سَرَرِ هذا الشهر؟ يعني: آخرَ شعبان» قال: لا، قال: «إِذا أفطرت فصم يومين» . وفي رواية قال: «أصمت سَرَرَ هذا الشهر؟ قال: أظنه يعني رمضانَ» . وفي أخرى: «من سَرَرِ شعبانَ» ، قال البخاري: «وشعبانُ» أصح. [و (سِرُّ الشهر) : آخره، وكذلك سَرَره وسِرَاره].
[ أخرجه  البخاري (4 / 200 و 201) رقم(1983) في الصوم، باب: الصوم من آخر الشهر، ومسلم رقم (1161) في الصيام، باب: صوم سرر شعبان].
[ ينظر: "لطائف المعارف" لابن رجب(ص/390-391)].
ولا ريب أن " هذه الأيام (الست)ليست معينة من الشهر بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإذا شاء صامها في أوله ، أو في أثنائه، أو في آخره ، وإن شاء فرقها ، وإن شاء تابعها ، فالأمر واسع بحمد الله ، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل ؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير ، ولا تكون بذلك فرضاً عليه ، بل يجوز له تركها في أي سنة ، لكن الاستمرار على صومها هو الأفضل والأكمل ؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل "[ "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" للإمام ابن باز -رحمه الله- (15/390)].

سابعاً- لابد من تعيين نية صيام الست من الليل على الصحيح؛ لأنه نفل مقيد ؛ ولأن الصحيح من قولي العلماء أن مَنْ صام من أثناء النهار لا يثاب إلا من وقت النية فقط أي: من حين نوى أن يصوم ؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى".
فصوم الست من شوال من صوم النفل المعين ، لا النفل المطلق .. وإذا تقرر هذا علم أنه لا يترتب الثواب المعين على النفل المقيَّد ( المعين ) إلا إذا بَيَّتَ النية من الليل أي قبل طلوع الفجر، فإن لم يبيت النية فصومه صحيح من حيث هو صوم ؛ ويكون نفلا مطلقا ، لكن لا يحسب من صوم الست .. و ما ورد في السنة من إنشاء النية في النهار محمول على النفل المطلق جمعا بين النصوص.
وبناءً عليه فإن من نوى الصوم من أثناء النهار لم يصدق عليه أنه صام يومًا كاملاً، والله أعلم.
قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-:" لو أن أحداً قام من بعد طلوع الفجر ولم يأكل شيئاً، وفي نصف النهار نوى الصوم على أنه من أيام الست، ثم صام بعد هذا اليوم خمسة أيام فيكون قد صام خمسة أيام ونصفاً، وإن كان نوى بعد مضي ربع النهار فيكون قد صام خمسة أيام وثلاثة أرباع؛ لأن الأعمال بالنيات، والحديث «من صام رمضان ثم أتبعه ستة أيام من شوال»، وحينئذ نقول لهذا الأخ: لم تحصل على ثواب أجر صيام الأيام الستة، لأنك لم تصم ستة أيام، وهذا يقال في يوم عرفة، أما لو كان الصوم نفلاً مطلقاً، فإنه يصح ويثاب من وقت نيته فقط " اهـ. ["مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين"(19/185)]. 
فالواجب على من أراد صوم الست أن يبيت النية من الليل، والله الموفق.

ثامناً- الظاهر من قولي أهل العلم أنه إذا انتهى شهر شوال ولم يصمها أنها لا تقضى؛ لأنها سنة فات محلها، والشارع خصّها بشوال، فلا يحصل فضلها لمن صامها في غيره، لفوات مصلحة المبادرة بها والمسارعة المحبوبة لله تعالى.
فإن كان ذلك لعذر، من مرض أو حيض أو نفاس، فمن أهل العلم من قال: يجوز قضاؤها بعد صيام ما عليه، واختار ذلك العلامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-، ومنهم من قال: إنه لا يشرع قضاؤها بعد شوال لما تقدم، سواء تركت لعذر أو لغير عذر، وهذا اختيار الإمام ابن باز -رحمه الله-، والله تعالى أعلم.
[ ينظر:"الفتاوى السعدية"(ص230)، و"فتاوى ورسائل ابن باز"(15-388)].

تاسعاً- أكثر العلماء على عدم جواز صيام الأيام الستة فى غير شوال -وهو الصواب- لقوله -صلى الله عليه وسلم- :" وأتبعه ستاً من شوال "، وحملوا ماورد فى الرواية الأخرى عند الدارمي رقم(1755) وابن خزيمة رقم(2115)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب"رقم(1007)بلفظ: " وَسِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَه " على أن المراد بها من شوال على أن اللفظ الأول مقيد والثاني مطلق، فيحمل المطلق على المقيد. 
وقد يقال إن ذكر شوال جاء لقربه من رمضان واعتياد الناس الصيام، فكان من باب المسارعة في الخيرات ، إن قلنا بذلك فيكون القيد غير معتبر لخروجه مخرج الغالب من حال الناس !!
لكن من حيث الأدلة  فحديث ثوبان -رضي الله عنه- العام عند ابن ماجه رقم(1715):" مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ، كَانَ تَمَامَ السَّنَةِ ، مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ".  وفي رواية عند أحمد رقم(22412) والنسائي في "الكبرى" رقم(2874): " جَعَلَ اللهُ الْحَسَنَةَ بِعَشْرٍ، فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ تَمَامُ السَّنَةِ" وهو في "صحيح الترغيب"(1/421). وأخرجه ابن خزيمة رقم(2115)، والطحاوي في"مشكل الآثار"(6/125) رقم(2348)بلفظ : " صِيَامُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ السِّتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ، فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ" قال الإمام أحمد: "ليس في حديث الرازي أصح منه"، وصححه أبو حاتم الرازي -كما في"لطائف المعارف"(ص220)-. 
فيقال إن الفطر قصد به العيد، فجاء الحديث موافقا للقيد، و يحمل المطلق على المقيد فيكون في شوال.
فإن قيل العلة منطوقة !
 فيمكن الرد على ذلك بأن الصيام عبادة و العبادة لا تتوقف على علة، فقد يذكر بعض من التعليل في صيام الست و يترك البعض فقد يكون هناك أجر زائد في صيام الست من شوال مترتب على الاستعجال و اتباع السنة و المسألة محتملة ، مثال ذلك تعليل زكاة الفطر بكونها طهرة للصائم إلا أنها تدفع عن الصبي وهو لا يصوم فحكم الزكاة لا يدور مع العلة.
فلم يبق من أدلة القائلين بجواز صيام الست في غير شوال إلا العلة، و الأمر تعبدي ، فهل يجوز قياس الست من غير شوال على الست في شوال للإشتراك في العلة ؟ 
 مذهب الجمهور عدم القياس في العبادات، و هذه عبادة محضة لا مجال للعقل فيها.
إذن القول بالصيام في شوال أقوى، خاصة إذا علمنا أن مذهب الجمهور حمل المطلق على المقيد فمن الناحية الأصولية كل الأدلة ترجح الصيام في شوال. 
وما أحسن ما قال العلامة الصنعاني -رحمه الله- في"سبل السلام"(1/582)بعد أن ذكر بعض تعليلات حديث صيام الست من شوال:" أَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ النَّصِّ بِذَلِكَ لَا حُكْمَ لِهَذِهِ التَّعْلِيلَاتِ".

عاشراً- ذكر بعضهم - ممن يرى جواز البدء بصيام الست قبل أداء ما عليه من قضاء صيام رمضان، وأن صيامها كذلك لا يختص بشهر شوال -: أن حديث صيام الست من شوال خارج مخرج الغالب، والقاعدة تقول: ( إن النص إذا خرج مخرج الغالب لم يعتبر مفهومُه)!!
ويجاب بأن هذا يحتاج إلى دليل ولا يكفي إدعاؤه فهو صرف للحديث عن ظاهره، كما أنه من شروط خروج القيد مخرج الغالب أن يكون معقول المعنى، فالقيد غير معقول المعنى لا يمكن أن يخرج مخرج الغالب.
والقيد هاهنا زمني، و القيود الزمنية ليست معقولة المعنى، فالقول إنها تخرج مخرج الغالب ضعيف جدا لابد له من تأول بعيد، فإن تعلق الأمر بالعبادة فهذا أبعد.
وعليه فالقول بأن شهر شوال خرج مخرج الغالب ضعيف لا يدل عليه الحديث لوجود حرف من "بست 'من' شوال" فجاءت من لحصر الست في زمن معين، و هذا لا يدخل في القيد الذي يخرج مخرج الغالب لأنه مراد من الكلام فهو إيقاع العمل في زمن مقصود باللفظ لا وصف.
مثال ذلك قوله تعالى:{فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ } فلا يقال إن الظرف المكاني خرج مخرج الغالب لغلبة الظن أن صيام الثلاثة تكون في الحج، بل الظروف الزمانية و المكانية مقصودة في القيود إذا إرتبطت بالعبادات، فالأصل في العبادات التقييد بالزمان و المكان و العدد، و مثل هذه القيود مشتهرة في العبادات كالصلاة و الصيام و الحج بل لا تكاد عبادة تخلو من هذه القيود ، حتى النوافل المطلقة مقيدة بأوقات النهي.[ وينظر:"شرح مختصر الروضة"(2/775)، و"شرح الكوكب المنير"(3/490)].


والله الموفق والمعين


علاج الوسوسة في الصلاة


كتبه/ د.خالد بن قاسم الردادي


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد:

يشتكي أكثر الناس من كثرة الوساوس وخاصة في أثناء الصﻻة حتى أفسدت عليهم عبادتهم واذهبت الخشوع فيها والتلذذ بها؛ وراح أكثرهم يلتمس دواءًا لهذا الداء العضال !
وﻻ ريب أن خير علاج للوسوسة هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، ودفعها؛ لأنَّ التمسُّك بها اتباع للشيطان؛ فيجب إبعادها عن النفس وإهمالها، وعدم الالتفات إليها، أو الاستسلام لها. 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في"مجموع الفتاوى"(22/608): "والوسواس يعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر؛ لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان؛ {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطْعَ الطريق عليه" اهـ.
والتفات القلب في الصلاة بالوساوس لم يَسْلم منه أحد، وما أَصعبَ معالجتَها وأقلَّ السالم منها، وهو اختلاسٌ يَختلسه الشيطان من صلاة العبد، وقد أرشدَنا النبِيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- للدواء الناجع، في أحاديث نبوية، منها:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فِي صَلاَتِهِ، فَيَلْبِسُ عَلَيْهِ صَلاَتَهُ، حَتَّى لاَ يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ » أخرجه البخاري رقم(1131)، ومسلم رقم(1202).
وعن عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه -: قال: « قلتُ: يا رسولَ الله، إِن الشيطانَ قد حَالَ بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يُلَبِّسُهَا عليَّ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: ذاك شيطان يقال له: خِنْزَب، فإِذا أحْسَسْتَهُ فتعوَّذ بالله منه، واتْفُلْ عن يسارك ثلاثاً، ففعلتُ ذلك فأذْهَبَهُ اللهُ عني » . أخرجه مسلم رقم (2203). 
قال الإمام النووي -رحمه الله-:" أما خِنْزَِب فبخاء معجمة مكسورة ثم نون ساكنة ثم زاي مكسورة ومفتوحة ، .. وفي هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عن وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا ، ومعنى يلبسها أي يخلطها ويشككني فيها وهو بفتح أوله وكسر ثالثه ، ومعنى حال بيني وبينها أي نكدني فيه ، ومعنى لذتها ، والفراغ للخشوع فيها " [ "شرح النووي على صحيح مسلم"(14/190) ].

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في"إغاثة اللهفان"(1/126):" ومن كيده (يعني الشيطان)الذي بلغ به من الجهال ما بلغ: الوسواس الذي كادهم به في أمر الطهارة والصلاة عند عقد النية، حتى ألقاهم في الآصار والأغلال، وأخرجهم عن اتباع سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخيل إلى أحدهم أن ما جاءت به السنة لا يكفي حتى يضم إليه غيره، فجمع لهم بين هذا الظن الفاسد، والتعب الحاضر، وبطلان الأجر وتنقيصه ".

ومُدَافَعَةُ حَدِيثِ النَّفْسِ فِي الصَّلاَةِ مَشْرُوعَةٌ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:" مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يَسْهُو فِيهِمَا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" أخرجه أبو داود رقم (905).

وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بِلَفْظِ:" ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " أخرجه البخاري رقم(159)، ومسلم رقم(226).

قَال الحافظ ابْنُ حَجَرٍ -رحمه الله- في"فتح الباري"(1/260):" قَوْلُهُ:( لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ ) الْمُرَادُ بِهِ مَا تَسْتَرْسِل النَّفْسُ مَعَهُ، وَيُمْكِنُ الْمَرْءَ قَطْعُهُ، فَأَمَّا مَا يَهْجُمُ مِنَ الْخَطَرَاتِ وَالْوَسَاوِسِ وَيَتَعَذَّرُ دَفْعُهُ فَذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، .. ".

ومما يعين على طرد الوسوسة وذهاب وشرود الذهن في الصلاة ما يأتي:
1)- إفراغ القلب قبل الإحرام بالصَّلاة من الشواغل الدُّنيوية، والحاجات البدَنيَّة، وكل ما يَهُمُّ، مع المُجاهدة لكلِّ ما يرِدُ على القلب ، وقطع الطريق على الأسباب الشاغلة التي هي أصل الدواء، فلا تترك لنفسك شُغْلاً يلتفت إليه خاطرُك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "مجموع الفتاوى"(22/607): "وأمَّا زوال العارض فهو الاجتهاد في دفع ما يُشغِل القلب من تفكُّر الإنسان فيما لا يُعِينُه، وَتَدَبُّر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصَّلاة، وهذا كل عبد بِحَسبه؛ فإنَّ كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات، وتعليق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها".
2)- حضور الذِّهن والفكر أثناء الصلاة، وعدم الانسياق وراء الخواطر التي ترد على المصلي أثناء الصلاة.
3)- تدبُّر ما تقرؤه حالَ الصلاة من القرآن وما تسمعه؛ قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]، وعليك استحضار أنك تخاطب ربَّك سبحانه وتعالى وتناجيه.
4)- تقديم اليقين على الشك.
5)- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم .
6)- التفل عن اليسار ثلاثا.
7)- فإن عاد الشيطان للوسوسة، فعد لفعل ذلك.
8)- إنْ لُبِسَ عليه يسجد سجود السهو.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/ 226): " علاج الوسوسة بكثرة ذكر الله جل وعلا وسؤاله العافية من ذلك، وعدم الاستسلام للوسوسة، فيجب عليه رفضها، فإذا تطهر طهارة صغرى أو كبرى وحصلت عنده وسوسة في أنه لم يغسل رأسه مثلا فلا يلتفت إلى ذلك بل يبني على أنه غسله وهكذا في سائر أعماله يرفض الاستجابة للوسوسة؛ لأنها من الشيطان، ويكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان؛ لأنه الوسواس الخناس " انتهى.

وينبغي لمن ابتلي بكثرة الوساوس أَن يرجع إلى رسالة الإِمام الموفق ابن قدامة -رحمه الله- في "ذم الموسوسين" فإِن فيها من التنفير عن الوسوسة ما يكفي ويشفي، وقد اعتمد عليها الإِمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "كتاب إِغاثة اللهفان" وعلق عليها تعليقات لا يستغنى عنها.

نسأل الله تعالى أن يعافينا ويجنبنا من هذه الوساوس، ويعصمنا من كيد الشيطان ونجواه، وأن يبعد عنا الهم والحزن، ويوفقنا للعمل بطاعته، إنه سميع قريب مجيب، وهو الموفق والمعين .

أول بدعة أحدثت في الإسلام !

ترك البكور إلى الجمعة أول بدعة أحدثت في الإسلام !

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.... وبعد:
فقد ثبت الترغيب في المبادرة إلى حضور الجمعة، لما في ذلك من الأجر الجزيل والثواب العظيم الشيء الذي ينبغي أن يحمل المسلم على الحرص على المبادرة إليها، فمن الأحاديث الصحيحة الدالة على هذا الترغيب حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: « مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ » أخرجه البخاري رقم(881)، ومسلم رقم(850).
قال ابن القيم -رحمه الله- في"زاد المعاد"(1/386) في توجيه اختصاص الجمعة بذلك :" لَمَّا كَانَ فِي الْأُسْبُوعِ كَالْعِيدِ فِي الْعَامِ، وَكَانَ الْعِيدُ مُشْتَمِلًا عَلَى صَلَاةٍ وَقُرْبَانٍ، وَكَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ صَلَاةٍ، جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ التَّعْجِيلَ فِيهِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَدَلًا مِنَ الْقُرْبَانِ، وَقَائِمًا مَقَامَهُ فَيَجْتَمِعُ لِلرَّائِحِ فِيهِ إِلَى الْمَسْجِدِ الصَّلَاةُ، وَالْقُرْبَانُ ".
و قد دل الحديث علي استحباب التبكير إلى الجمعة في الساعة الأولى ، و قد اختلف الفقهاء في هذه الساعة علي ثلاثة أقوال ، ذكرها النووي -رحمه الله- في "شرح المهذب"(4/540)، قال :
" الأول : الصحيح عند المصنف و الأكثرين : من طلوع الفجر .
و الثاني : من طلوع الشمس . و به قطع المصنف في التنبيه ، و ينكر عليه الجزم به .
و الثالث : أن الساعات هنا لحظات لطيفة بعد الزوال ، و اختاره القاضي حسين و إمام الحرمين و غيرهما من الخراسانيين و هو مذهب مالك … ".
والبكور للجمعة من عادة السّلف الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ ، حتى قال الإمام أبو شامة المقدسي (ت 665 هــ)-رحمه الله -:
" وكان يرى في القرن الأول بعد طلوع الفجر، الطرقات مملوءة من الناس، يمشون في السرج، ويزدحمون فيها إلى الجامع، كأيّام العيد، حتى اندرس ذلك .
قيل : أوّل بدعة أحدثت في الإسلام : ترك البكور إلى الجمعة .[ "الباعث على إنكار البدع والحوادث"(ص97)، وينظر:"غرائب القرآن" للنيسابوري(6/301)].
وقد أنكر الإِمام مالك ـ رحمه الله ـ التبكير إلى الجمعة في أوّل النّهار،وردّه ابن القيم، وقال:
" قال الشافعي: ولو بكر إليها بعد الفجر، وقبل طلوع الشمس، كان حسناً.
وذكر الأثرم، قال: قيل لأحمد بن حنبل: كان مالك بن أنس يقول: لا ينبغي التهجير يوم الجمعة باكراً، فقال: هذا خلاف حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - " ["زاد المعاد"(1/403)].
فيستحب التبكير إلى صلاة الجمعة أول النهار، فالساعات الواردة في الحديث على هذا، من أول النهار، والمراد بها الساعات الفلكيّة
وكان السّلف الصالح يعاتبون أنفسهم عند تركهم التبكير أو قصورهم فيه.
عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَوَجَدَ ثَلاَثَةً قَدْ سَبَقُوهُ ، فَقَالَ : رَابِعُ أَرْبَعَةٍ، وَمَا رَابِعُ أَرْبَعَةٍ بِبَعِيدٍ ... » أخرجه ابن ماجه رقم(1094) بإسناد حسن .
فهذا حال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وهو مَن هو، يعاتب نفسه لسبق ثلاثة في التبكير للجمعة إيّاه، فما بالك في كثير من قومنا ـ إلا مَنْ رحم الله تعالى ـ لا يأتون إلا والإمام على المنبر، بل يأتي بعضهم مع الصلاة أو قبيلها بقليل ، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -:« فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا ـ أي الملائكة ـ صحفهم، وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ »
أخرجه البخاري رقم(930).
وفي رواية لمسلم رقم(850):" فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ " .
وكأن ابتداء طي الصحف، عند إبتداء خروج الإِمام، وانتهاءه بجلوسه على المنبر، وهو أول سماعهم للذكر، والمراد به ما في الخطبة من المواعظ وغيرها.
[ ينظر:"القول المبين في أخطاء المصلين"(ص331-332) ].

فينبغي للمسلم أن يحرص على التبكير لحضور صلاة الجمعة ففي هذا من الخير العظيم؛ يصلي ما يسر الله من الركعات، يقرأ القرآن، يشتغل بالتسبيح، والتهليل والاستغفار فيه فوائد جمة في التبكير، فالسنة التبكير إليها لما في ذلك من الخير العظيم والفوائد الجمة، والله الموفق والمعين.

كتبه/ د. خالد بن قاسم الردادي
كلام لأبي حامد الغزالي يحتج به دعاة التحريض والفتن !

كتبه/ د. خالد بن قاسم الردادي

يحتج بعض الحركيين والحزبيين من دعاة الاعتصامات والمظاهرات ببعض النصوص والتي مافتئوا يتلمسونها علَّها تدعم منهجهم الثوري الباطل في محاولة بأسة ويائسة لتبرير بل وتجويز ما يقومون به من تأجيج وتحريض على ولاة الأمر وجواز الانكار عليهم علانية إن أخطئوا، ومن هذه النصوص مازعموه وتناقلوه بشكل واسع: 
أن أبا حامد الغزالي الشافعي الصوفي (ت 505 هـ)-رحمه الله- قال :(كان من عادة علماء السلف التعرض لأخطاء السلطان والإنكار عليه غير مبالين بهلاك المهجة وفقد الأموال، لعلمهم بأنه من أفضل الجهاد والشهادة)!! 

ولنا مع هذا الاحتجاج الوقفات التالية:

1- كلام أبي حامد الغزالي -رحمه الله- ليس كما ذكر آنفا بل هو بنصه كما في كتابه "إحياء علوم الدين"(3/371)تحت باب (في أمر الأمراء والسلاطين ونهيهم عن المنكر):
" أما التخشين في القول -يعني للحاكم- كقوله: يا ظالم يا من لا يخاف الله، وما يجري مجراه، فذلك إن كان يحرك فتنة يتعدى شرها إلى غيره، لم يجز، وإن كان لا يخاف إلا على نفسه، فهو جائز بل مندوب إليه، فلقد كان من عادة السلف التعرض للأخطار والتصريح بالإنكار من غير مبالاة بهلاك المهجة والتعرض لأنواع العذاب، لعلمهم بأن ذلك شهادة " انتهى.
وأنت واجد الفرق بين القولين وكيف أن كلامه في جواز الانكار على الحاكم جاء مقيّداً بشرطين:
- إن كان انكاره لايحرك فتنة يتعدى شرها إلى غيره.
- وإذا كان المُنْكِرُ لا يخاف على نفسه الأذى والتبعة!!
فانظر كيف حُرِّفَ كلامه ليتوافق مع الأهواء !!
ثم هذا الكلام منه لعله حيث ينفع ذلك، وحيث كانت الأمراء تقبل منهم وتصغي إليهم، وحيث كانت المصلحة في تقديرهم راجحة، ومع هذا فلم يكونوا ينكرون على أمرائهم بالسبِّ والتعيير.
قال ابن رجب -رحمه الله- في"جامع العلوم والحكم"(2/248):
" إنْ خشي في الإقدام على الإنكار على الملوك أن يؤذي أهلَه أو جيرانه، لم ينبغِ له التعرُّض لهم حينئذ، لما فيه مِنْ تعدِّي الأذى إلى غيره، كذلك قال الفضيلُ بنُ عياض وغيره، ومع هذا، فمتى خافَ منهم على نفسه السَّيف، أو السَّوط، أو الحبس، أو القيد، أو النَّفيَ، أو أخذ المال، أو نحوَ ذلك مِنَ الأذى، سقط أمرُهم ونهيُهم، وقد نصَّ الأئمَّةُ على ذلك، منهم: مالكٌ وأحمدُ وإسحاق وغيرهم ".

3- دلت الأحاديث والآثار أنَّ السلطان ومن في حكمه لا يُغيَّر عليه منكرُه باليد، ولا يجهر له بالنكير؛ لأنَّه إن كان عدلاً فيجب رعاية حرمته، فلا يُنصح إلاَّ سرًّا، وإن كان جائرًا فيحذر من أن يؤدِّي ذلك إلى فتح باب الفتن.
فعن شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ: أنَّ عِيَاضَ بْنُ غَنْمٍ -رضي الله عنه- قال لهشام بن حكيم-رضي الله عنه-: ألم تسمع بقول رسول الله -صلى اله عليه وسلم-: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ فَلا يُبْدِهِ عَلانِيَةً، وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَخْلُوا بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ " أخرجه أحمد(1533)، وابن أبي عاصم في"السنة"(1096) وهو حديث حسن .
وعن شقيق بن سلمة، عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قيل له: ألا تدخل على عثمان فتكلِّمه فيما يصنع؟! فقال:" أترون أنِّي لا أكلِّمه إلاَّ أُسمعكم؟! والله، لقد كلَّمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتح أمرًا لا أحبُّ أن أكون أوَّل من فتحه " هذا لفظ مسلم(2989). وعند البخاري(3267):" إنِّي أكلِّمه في السرِّ دون أن أفتح بابًا لا أكون أوَّل من فتحه ".
قال القاضي عياض كما في"الفتح"(13/52): "مراد أسامة أنَّه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام، لما يخشى من عاقبة ذلك، بل يتلطَّف به وينصحه سرًّا، فذلك أجدر بالقبول".
وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: " إذا أتيت الأمير المؤمَّر فلا تأته على رؤوس الناس " أخرجه سعيد بن منصور في"التفسير"(850) بسند حسن.
فلا ينكر على السلطان إلاَّ بالوعظ والتخويف والتذكير، بلطف ورفق، دون سِباب أو تعيير، فإن عجز عن القيام بذلك على الوجه المشروع وجب عليه الصبر والدعاء، ولم يتعرَّض له، كما نصَّ عليه العلماء، ونصوصهم كثيرة لا يتسع المقام هذا لذكرها.
قال ابن عبد البرّ في"التمهيد"(21/287): "إن لم يتمكَّن نصح السلطان فالصبر والدعاء، فإنَّهم ـ أي: علماء السلف ومن تبعهم ـ كانوا ينهون عن سبِّ الأمراء".
وعن أبي جمرة قال: لمَّا بلغني تحريق البيت خرجت إلى مكَّة، واختلفت إلى ابن عبَّاس حتَّى عرفني، واستأنس بي، فسببت الحجَّاج عند ابن عبَّاس، فقال:" لا تكن عونًا للشيطان " أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(8/104).

4- لم يكن من عادة السلف سبُّ الأمراء وتعييرهم في السرِّ، فكيف في الجهر؟! فكيف في حال الإنكار؟! بل المنقول عنهم هو النهي عن سبِّ الأمراء والنيل منهم، فإنَّ السلطان إذا كان يقود بالشرع فسبُّه مناف لما يجب على الرعيَّة من إكرامه وإجلاله وتوقيره وتعزيره، كما ورد في الأحاديث والآثار الصحيحة، ومنها :
عن زياد بن كسيب قال: كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق، فقال أبو بلال: انظروا أميرَنا يلبس ثياب الفسَّاق، فقال أبو بكرة: اسكت سمعت رسول الله -صلى اله عليه وسلم- يقول:« مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ » أخرجه الترمذي(2224)، وأحمد(20433) وصححه الألباني.

5- عامَّة ما يُروى من الأخبار والحكايات في أنَّ السلف كانوا يغلظون في الإنكار على الأمراء فليس بصحيح، وما صحَّ منها فله محامل معروفة، على أنَّ فعل الواحد والاثنين إذا لم يكن هديًا عامًّا للسلف فليس بحجَّة، فكيف إذا كان الهدي العامُّ بخلافه؟!
ثمَّ إن الذين غلطوا فوقعوا في شيء من ذلك قد تابوا وندموا وتبرَّموا مما فعلوا، والآثار في ذلك كثيرة ومنها:
عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ: لَا أُعِينُ عَلَى قَتْلِ خَلِيفَةٍ بَعْدَ عُثْمَانَ أَبَدًا، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: أَعَنْتَ عَلَى دَمِهِ ! قَالَ: « إِنِّي أَعُدُّ ذِكْرَ مَسَاوِئِهِ عَوْنًا عَلَى دَمِهِ ». أخرجه ابن سعد في"الطبقات"(3/80)، وابن أبي شيبة (12/47)بسند صحيح.
وعن هذيل بن شرحبيل قال: خطبهم معاوية -رضي الله عنه- فقال: يا أيُّها الناس، وهل كان أحد أحقَّ بهذا الأمر منِّي؟! قال: وابن عمر جالس، قال: فقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: هممت أن أقول: أحقُّ بهذا الأمر منك من ضربك وأباك على الإسلام، ثمَّ خفت أن تكون كلمتي فسادًا، وذكرت ما أعدَّ الله في الجنان، فهوَّن عليَّ ما أقول. أخرجه ابن أبي شيبة(15/79)بسند صحيح.
وعن طاوس قال: أتى رجل ابن عبَّاس -رضي الله عنهما- فقال: ألا أقدم على هذا السلطان فآمره وأنهاه؟ قال: لا، يكون لك فتنة... أخرجه معمر بن راشد في"الجامع"(20722)، والبيهقي في"الشعب"(7187)بسند صحيح.
وعن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عبَّاس -رضي الله عنهما-: آمرُ السُّلطانَ بالمعروفِ وأنهاه عن المنكر؟ قال: إنْ خِفتَ أن يقتُلَك، فلا، ثم عُدْتُ، فقال لي مثلَ ذلك، ثم عدتُ، فقال لي مثلَ ذلك، وقال: إنْ كنتَ لابدَّ فاعلاً، ففيما بينَك وبينه . أخرجه سعيد بن منصور في "سننه "(846)، وابن أبي شيبة (15/74).
وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنَّه وقف يومًا على باب معاوية -رضي الله عنه-، فَحَجَبَهُ لِشُغُلٍ كَانَ فِيهِ، فَوَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: "... وَإِنَّ أَوَّلَ نِفَاقِ الْمَرْءِ طَعْنُهُ عَلَى إِمَامِهِ " أخرجه البيهقي في "الشعب"(12/29)، وابن عبد البر في "التمهيد"(21/287).
وعن عمرو البكالي قال: "إذا كان عليك أمير فأمرك بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فقد حلَّ لك أن تصلِّي خلفه، وحرم عليك سبُّه" أخرجه ابن زنجويه في "الأموال"(37) بسند صحيح.

6- إنَّ نهَي السلف عن سبِّ السلطان لما يؤدِّي إليه من الفساد والشرور، وحرمانهم خيره وعدله في الوجوه الأخرى، فإنَّ سبابه مدعاة إلى الزيادة في الطغيان ونقص الخير والعدل.
وقد قال حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-:" ما تلاعن قومٌ قطُّ إلاَّ حقَّ عليهم القول " أخرجه معمر في"الجامع"(10/413)، ابن أبي شيبة(15/87).
وقال أبو إسحاق السبيعي: "ما سبَّ قومٌ أميرهم إلاَّ حرموا خيره" أخرجه أبو عمرو الداني في "الفتن" (2/405)، وابن عبد البرّ في "التمهيد"(21/287).
وقال أبو مجلز: " سَبُّ الْإِمَامِ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ : حَالِقَةُ الشَّعْرِ، وَلَكِنْ حَالِقَةُ الدِّينِ" أخرجه حميد بن زنجويه في "الأموال"(34) بسند حسن. 
وقال الوصَّافي: "ذُكر رجلٌ من بني مروان عند أبي جعفر محمَّد بن علي بن الحسن وأنا عنده، فقال: كفَّ عنهم، فوالله لأعمالهم لتسرع فيهم أشدَّ من السيوف المشهرة عليهم" أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(7078) بسند صحيح. 
وقال سهيل بن أبي حزم: سمع محمَّد بن سيرين رجلاً يسبُّ الحجَّاج فقال: "مه أيُّها الرجل! إنَّك لو وافيت الآخرة كان أصغر ذنب عملته قطُّ أعظمَ عليك من أعظم ذنب عمله الحجَّاج، واعلم أنَّ الله عزَّ وجلَّ حكم عدل، إن أخذ من الحجَّاج لمن ظلمه شيئًا فشيئًا أخذ للحجَّاج ممن ظلمه، فلا تشغلنَّ نفسك بسبِّ أحد" أخرجه ابن أبي الدنيا في "التوبة"(41)، وأبو نعيم في"الحلية"(2/270).
وقال رِيَاحُ بْنُ عَبِيدَةَ : كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ الْحَجَّاجَ فَشَتَمْتُهُ، وَوَقَعْتُ فِيهِ، قَالَ: فَنَهَانِي عُمَرُ وَقَالَ: « مَهْلًا يَا رِيَاحُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ يَظْلِمُ بِالْمَظْلَمَةِ فَلَا يَزَالُ الْمَظْلُومُ يَشْتِمُ الظَّالِمَ، وَيَنْتَقِصُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَيَكُونُ لِلظَّالِمِ الْفَضْلُ عَلَيْه ِ» أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(86)، وابن أبي الدنيا في"الصمت"(711).
قال ابن القيِّم في"الطرق الحكمية"(58): "من دقيق الفطنة أنَّك لا تردُّ على المطاع خطأه بين الملأ، فتحمله رتبته على نصرة الخطأ وذلك خطأ ثان، ولكن تلطَّف في إعلامه به حيث لا يشعر به غيره".

7- هذه جملة من أقوال السلف وطريقتهم كابرا عن كابر في نصح الولاة ونحوهم من الكبراء وذوي الهيئات من الوجهاء، وعدم التعرض لهم بالسب والشتم ، وأنت واجد البون الشاسع بين نهجهم وهديهم، وبين نهج أرباب الطرق البدعية التي سلكها الخوارج ومن شاكلهم من أصحاب الأحزاب السياسية وجماهيرهم التي يقودونها كما تقاد البعير، ليملأوا بها الشوارع ضجيجًا وصخبا وفتنا ومنازعة الأمر أهله! والله المستعان. وهو الموفق والمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
بين الإمامينِ البَرْبَهَاري وأَبي الحسنِ الأشعري

الحمدُ للهِ وبعد ؛

إن من الأمورِ المهمةِ عند ذكرِ ترجمةِ أو سيرةِ إمامٍ من أئمةٍ أهلِ السنةِ نقدَ القصصِ التي تنسبُ إليه ، وعرضها على ميزانِ النقدِ العلمي ، ولذا اعتنى أهلُ التراجمِ والسيرِ من أمثالِ الإمامِ الذهبي وغيرِهِ إلى الإشارةِ إلى ذلك ، فلا تكادُ تقرأُ لسيرةِ أو ترجمةِ عالمٍ أو إمامٍ إلا وتجدهم يفندون ما لا يصحُ عنه من القصصِ أو المقولاتِ .

ومما يذكرُ في هذا البابِ ، قصةٌ جرت بين بين الإمامينِ البَرْبَهَاري وأَبي الحسنِ الأشعري كانت سبباً لتأليفِ كتابِ " الإبانةِ " لأبي الحسن الأشعري - رحم اللهُ الجميعَ - ، وقد انبرى النقادُ من أهلِ العلمِ لبيانِ كذبِ هذه القصة ، وممن أشار إلى زيفها وعدمِ ثبوتها الشيخُ خالدُ بنُ قاسم الردادي في تحقيقهِ لـ " شرحِ السنةِ " لأبي محمد الحسنِ بنِ علي البربهاري ، وسأنقلُ ما قالهُ الشيخُ خالد في بيانِ حالِ القصةِ .
قال الشيخُ خالد في ( ص23 ) من تحقيق " شرحِ السنةِ " [ ط. الثالة . 1421هـ ] : 
تنبيهانِ هامانِ : 1- جاء في ترجمةِ البربهاري - عند بعض من ترجموا له - أن أبا الحسن الأشعري لما دخل بغداد جاء إليه البربهاري ، فجعل يقول : رددتُ على الجُبائي ، وعلى أبي هاشم ، ونقضتُ عليهم وعلى اليهود والنصارى والمجوس ، وقلتُ لهم ، وقالوا ، وأكثر الكلام في ذلك . فلما سكت ؛ قال له البربهاري : ما أدري مما قلت قليلا ولا كثيراً ، ولا نعرف إلا ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل . فخرج الأشعري من عنده وصنف كتاب " الإبانة " ، فلم يقبله منه ، ولم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها .
ولي مع هذه الحكاية وقفات : الأولى : في تخريجها وبيان مصدرها ، فقد أخرجها أبو علي الأهوازي في كتابه الذي صنفه في ثلب الأشعري ، وعنه ابن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة " (2/18) : " قرأت على علي القرشي ، عن الحسن الأهوازي ؛ قال : سمعت أبا عبد الله الحمراني ... " فذكرها .
والثانية : مدار هذه القصة على أبي علي الحسن بن علي الأهوازي المقرىء ، وهو ضعيف ، اتّهم في لقاء بعض الشيوخ . [ كما في " العبر " للذهبي (2/288) وانظر ترجمته في : " الميزان " (1/152) ، و" اللسان " (2/237) ، و" السير " (18/13) ] .
والثالثة : قال ابن عساكر في " تبين كذب المفتري " ( ص 390 - 391 ) : " وحكاية الأهوازي عن البربهاري مما يقع في صحته التماري ، وأدل على بطلانه قوله : " إنه لم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها " ، وهو بعد إذ صار إليها ولم يفارقها ولا رحل عنها ، فإن بها كانت منيته ، وفيها قبره وتربته ... " .

ونقل شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ كلام ابن عساكر المتقدم وأقره عليه في " الفتاوى الكبرى " (5/285) .

وأشار إلى ضعفها أيضا الذهبي في " السير " (5/90) حينما صدرها بقوله : " فقيل : إن الأشعري لما قدم بغداد ... " ، وذكر الحكاية ، وقال الذهبي أيضا في " السير " (15/89) في ترجمة الأشعري : " وقد ألف الأهوازي جزءاً في مثالب ابن أبي بشر - يعني : الأشعري - ، فيه أكاذيب .

وجمع أبو القاسم - يعني : ابن عساكر - في مناقبه فوائد بعضها أيضا غير صحيح ... " .

ومما يتقدم يظهر جليا بطلان هذه الحكاية وعدم صحتها .ا.هـ.

ونصُ عبارةِ الإمامِ الذهبي في " السير " : فَقِيْلَ : إِنَّ الأَشْعَرِيَّ لَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ جَاءَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ البَرْبَهَارِيِّ ، فجَعَلَ يَقُوْلُ : رددتُ عَلَى الجُبَّائِيّ ، رددْتُ عَلَى المَجُوْس ، وَعَلَى النَّصَارَى . فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : لاَ أَدْرِي مَا تَقُولُ ، وَلاَ نعرِفُ إِلاَّ مَا قَالَه الإِمَامُ أَحْمَد . فَخَرَجَ وَصَنَّفَ " الإِبَانَة " فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ .ا.هـ.

وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ : " وَلِهَذَا تَكَلَّمَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِر فِي أَبِي عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيِّ لَمَّا صَنَّفَ هَذَا مَثَالِبَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَهَذَا مَنَاقِبَهُ وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ مِنْ السالمية فَنَسَبَهُمْ طَائِفَةٌ إلَى الْحُلُولِ " .ا.هـ.

وقال أيضاً : " وَكَذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ لَهُ مُصَنَّفٌ فِي الصِّفَاتِ قَدْ جَمَعَ فِيهِ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ " .ا.هـ.

وقال أيضاً : " وَلِهَذَا كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ - الَّذِي صَنَّفَ مَثَالِبَ ابْنِ أَبِي بِشْرٍ وَرَدَّ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ عَسَاكِرَ - هُوَ مِنْ السالمية " .ا.هـ.

وقال أيضاً : " وَكَانَ " أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ " لَمَّا رَجَعَ عَنْ الِاعْتِزَالِ سَلَكَ طَرِيقَةَ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ كُلَّابٍ فَصَارَ طَائِفَةٌ يَنْتَسِبُونَ إلَى السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مِنْ السالمية وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيِّ يَذْكُرُونَ فِي مَثَالِبِ أَبِي الْحَسَنِ أَشْيَاءَ هِيَ مِنْ افْتِرَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَشْعَرِيَّ بَيَّنَ مِنْ تَنَاقُضِ أَقْوَالِ الْمُعْتَزِلَةِ وَفَسَادَهَا مَا لَمْ يُبَيِّنْهُ غَيْرُهُ حَتَّى جَعَلَهُمْ فِي قَمْعِ السِّمْسِمَةِ " .ا.هـ.
كتبه
عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل




الكواكب النيرات بتخريج وشرح اثر من كان منكم مستنا فليستن بمن مات

تاليف الشيخ خالد بن قاسم الردادي

الدار الاثر ية القاهرة / الطبعة الاولى 1432 هـ

رابط التحميل :

http://www.archive.org/download/abu_...ib_nayirat.pdf

حديث دعاء أبي الذر الغفاري باطل منكـر ! لفضيلة الشّيخ خالد بن قاسم الرداديّ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله وحده،والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد :
فقد سئلت مرات عدة عن حديث يكثر تداوله ورواجه بين الناس ،حتى قام بعضهم بطبعه ونشره طلباً للأجر ورغبة في الثواب،وكنت أجيبهم إجابة مجملة عنه بأنه حديث ضعيف باطل لنكارة متنه ،وعدم وجوده في كتب السنة المشهورة !
ثم رأيت أن هذا غير كاف وواف في التحذير ،فقمت بكتابة هذه الورقات نصحاً للمسلمين ودفاعاً وذباً عن سنة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم- فبيّنت بجلاء -ولله الحمد-بطلان الحديث وعدم ثبوته ،سائلاً الله التوفيق والسداد وهوحسبنا ونعم الوكيل.

وكتب :
راجي عفو ربه العـليّ
خالد بن قاسم الردادي
أبو ياسر

المدينة النبوية
18/4/1426هـ


[ متن الحديث ] :

عن علي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
(( أنه أتاه جبريل عليه السلام ،فبينما هو عنده إذ أقبل أبو ذر فنظر إليه جبريل فقال: هو أبو ذر ،قلت: يا أمين الله وتعرفون أنتم أبا ذر ،فقال: نعم ،والذي بعثك بالحق إن أبا ذر أعرف في أهل السماء منه في أهل الأرض، وإنما ذلك لدعاء يدعو به كل يوم مرتين ،وقد تعجبت الملائكة منه فادع به فسل عن دعائه فقال عليه السلام: يا أبا ذر دعاء تدعو به كل يوم مرتين ، قال: نعم فداك أبي وأمي ،ما سمعته من بشر، وإنما هو عشرة أَحْرُفٍ ألهمني ربي إلهاماً، وأنا أدعو به كل يوم مرتين، أستقبلُ القبلةَ فأسبحُ اللهَ ملياً وأهلله ملياً وأحمده ملياً وأكبره ملياً ،ثم أدعو بتلك العشر الكلمات: اللهم إني أسألك إيمانا دائما ،وأسألك قلباً خاشعاً ،وأسألك علماً نافعاً ،وأسألك يقيناً صادقاً ،وأسألك ديناً قيماً ،وأسألك العافية من كل بلية، وأسألك تمام العافية ،وأسألك دوام العافية ،وأسألك الشكر على العافية، وأسألك الغنى عن الناس .
قال جبريل: يا محمد والذي بعثكَ بالحقِ نبياً ،لا يدعو أحد من أمتك بهذا الدعاء إلا غفرت له ذنوبه ،وإن كانت أكثر من زبد البحر وعدد تراب الأرض ،ولا يلقاك أحدٌ من أمتك وفي قلبه هذا الدعاء إلا اشتاقت إليه الجنان، واستغفر له المكان ،وفتحت له أبواب الجنة ،ونادت الملائكة: يا ولي الله أدخل من أيّ بَابٍ شئت )) 
.

[ تخريجـه ] :

أخرجه الترمذي الحكيم في"نوادر الأصول"( 3 /40-41/النسخة غير المسندة)في الأصل السابع عشر والمائتان في سر دعوات أبي ذر -رضي الله عنه- ،وأورده البرهان فوري في"كنز العمال"(2/678رقم:5055) وذكر إسناد الترمذي الحكيم فقال :
قال الترمذي الحكيم في"نوادر الأصول": حدثنا عمرو بن أبي عمرو،قال حدثنا أبو همّام الدّلال،عن إبراهيم بن طهمان،عن عاصم بن أبي النّجود،عن زِرِ بن حُبيش، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- به مرفوعاً.

[ دراسة رجال الإسناد ] :

1- الترمذي الحكيم : هو أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن بشر الحكيم الترمذي ،قال الإمام الذهبي -رحمه الله-في"سير أعلام النبلاء"( 13/439) :
(( الإمام الحافظ العارف الزاهد... وكان ذا رحلة ومعرفة وله مصنفات وفضائل
..وله حكم ومواعظ وجلالة لولا هفوة بدت منه..
قال أبو عبد الرحمن السُّلَمِي :أخرجوا الحكيم من ترمذ وشهدوا عليه بالكفر وذلك بسبب تصنيفه كتاب ختم الولاية وكتاب علل الشريعة ،وقالوا :إنه يقول إن للأولياء خاتما كالأنبياء لهم خاتم وإنه يفضل الولاية على النبوة...
وقال السُّلَمِي :هجر لتصنيفه كتاب ختم الولاية وعلل الشريعة وليس فيه ما يوجب ذلك ولكن لبعد فهمهم عنه.
قلت-الذهبي-: كذا تُكُلِّمَ في السُّلَمِي من أجل تأليفه كتاب حقائق التفسير، فياليته لم يؤلفه ،فنعوذ بالله من الإشارات الحلاّجيّة و الشَّطحَاتِ البِسْطَامِِيَّ ة وتَصوف الاتحاديَّة فواحزناه على غربة الإسلام والسنة قال الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [سورة الأنعام : 153 ].)) .

وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-في"لسان الميزان" (5/309) :

((وذكره القاضي كمال الدين بن العديم صاحب "تاريخ حلب" في جزء له سماه "الملحة في الرد على أبي طلحة" قال فيه :
وهذا الحكيم الترمذي لم يكن من أهل الحديث ولا رواية له ،ولا [علم له بطرقه وصناعته] ،وإنما كان فيه الكلام على إشارات الصوفية والطرائق ودعوى الكشف عن الأمور الغامضة والحقائق حتى خرج في ذلك عن قاعدة الفقهاء واستحق الطعن عليه بذلك والإزراء وطعن على أئمة الفقهاء والصوفية وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضية، وقالوا إنه أدخل في علم الشريعة ما فارق به الجماعة، وملأ كتبه الفظيعة بالأحاديث الموضوعة، وحشاها بالأخبار التي ليست بمروية ولا مسموعة، وعلل فيها جميع الأمور الشرعية التي لا يعقل معناها بعلل ما أضعفها وما أوهاها .
قلت-ابن حجر-: ولعمري لقد بالغ بن العديم في ذلك، ولولا أن كلامه يتضمن النقل عن الأئمة انهم طعنوا فيه لما ذكرته، ولم أقف لهذا الرجل مع جلالته على ترجمة شافية، والله المستعان )).

قلت : والذي يبدو لي أنّ ابن العديم -رحمه الله-لم يبالغ فيما قاله البتة؛ فمن نظر في كتابه"نوادر الأصول"رأى صدق كلام ابن العديم وبان له زيغ الترمذي الحكيم عن السنة،وبيان هذا يحتاج لبسط ليس هاهنا مكانه ،والله المستعان!

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- كما في"مجموع الفتاوى"(2/222) :

(( منها أن دعوى المدعي وجود خاتم الأولياء على ما ادعوه باطل لا أصل له . ولم يذكر هذا أحد من المعروفين قبل هؤلاء إلا أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي الحكيم في كتاب "ختم الولاية" وقد ذكر في هذا الكتاب ما هو خطأ وغلط مخالف للكتاب والسنة والإجماع .
وهو - رحمه الله تعالى- وإن كان فيه فضل ومعرفة وله من الكلام الحسن المقبول والحقائق النافعة أشياء محمودة - ففي كلامه من الخطأ : ما يجب رده ومن أشنعها ما ذكره في كتاب " ختم الولاية "مثل دعواه فيه أنه يكون في المتأخرين من درجته عند الله أعظم من درجة أبي بكر وعمر وغيرهما . ثم إنه تناقض في موضع آخر ; لما حكى عن بعض الناس أن الولي يكون منفردا عن الناس فأبطل ذلك واحتج بأبي بكر وعمر وقال : يلزم هذا أن يكون أفضل من أبي بكر وعمر وأبطل ذلك )) .

2- عمرو بن أبي عمرو : لم أعرفه ولم يتبيّن لي من هو !
وأخشى أن يكون أحد الوضَّاعين المتروكين ؛كـ"عمرو بن شمر" انظر:"لسان الميزان"لابن حجر(4/366و372) .

3- أبو همّام الدّلال : هو محمد بن محبب بن إسحاق القرشي، البصري ( صاحب الرقيق ) ، ثقة ،توفي سنة 221هـ كما في"التقريب" لابن حجر(ص839)،والتهذيب"(9/427).

4- إبراهيم بن طهمان :هو إبراهيم بن طهمان بن شعبة الخراساني أبو سعيد الهروي ( ولد بهراة و سكن نيسابور و قدم بغداد و حدث بها ثم سكن مكة فمات بها ).

قال الذهبي : ((من أئمة الإسلام و فيه إرجاء ، وثقه أحمد و أبو حاتم)).

و قال ابن حجر : ((ثقة يغرب و تكلم فيه للإرجاء و يقال : رجع عنه)).
توفي سنة 168 هـ بـ مكة.
انظر: "الكاشف"(1/214)،و "تقريب التهذيب"(ص109)،و"تهذيب التهذيب"(1/129).


5- عاصم بن أبي النّجود : هو عاصم بن بهدلة و هو ابن أبى النجود ، الأسدي مولاهم ، الكوفي ، أبو بكر المقريء.

قال الذهبي : ((وُثِقَ ، و قال الدارقطني : فى حفظه شيء)).

وقال ابن حجر: ((صدوق له أوهام ، حجة فى القراءة)).توفي سنة 128هـ.
انظر: "الكاشف"(1/518)،و "تقريب التهذيب"(ص471)،و"تهذيب التهذيب"(5/35).


6- زِرِ بن حُبيش: هو زِر بن حُبيش بن حباشة بن أوس بن بلال ، و قيل : هلال بن سعد بن نصر بن غاضرة ، الأسدي الكوفي ، أبو مريم ، و يقال: أبو مطرف.

قال ابن حجر : (( ثقة جليل،مخضرم))،توف ي سنة82هـ وقيل غير ذلك.
انظر:"تقريب التهذيب"(ص336)،و"تهذيب التهذيب"(3/277).


[ الحكم على الحديث ] :

حديث باطل منكر !
فالإسناد مداره على الترمذي الحكيم وهو متهم بالزندقة-كما تقدم- وكتابه من مظان الأحاديث الواهية والموضوعة؛كيف وقد تفرّد بهذا الحديث!!
ولاريب أن الحديث الذي يتفرّد به الترمذي الحكيم في"نوادر الأصول":ضعيف ،يستغنى بالعزو إليه عن بيان ضعفه .

قال السيوطي -رحمه الله-في مقدمة "جمع الجوامع"و"كنز العمال"(1/10) :

((..وللعقيلي في الضعفاء (عق)، ولابن عدي في الكامل (عد)، وللخطيب (خط) فإن كان في تاريخه أطلقت وإلا بينته، ولابن عساكر (كر) ،وكل ماعُزِيَ لهؤلاء الأربعة، وللحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، أو للحاكم في "تاريخه"، أو لابن الجارود في "تاريخه"، أو للديلمي في "مسند الفردوس" فهو ضعيف فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه )) .

وقال ابن القيم-رحمه الله-في"تحفة الودود"(ص203) : 

(( وقد قال أبو القاسم عمر بن أبي الحسن بن هبة الله بن أبي جرادة في كتاب صنفه في ختان الرسول -صلى الله عليه وسلم - يرد به على محمد بن طلحة في تصنيف صنفه وقرر فيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولد مختوناً :
وهذا محمد الترمذي الحكيم :لم يكن من أهل الحديث ،ولا علم له بطرقه وصناعته ،وإنما كان فيه الكلام على إشارات الصوفية والطرائق ودعوى الكشف على الأمور الغامضة والحقائق ،حتى خرج في الكلام على ذلك عن قاعدة الفقهاء واستحق الطعن عليه بذلك والإزراء ،وطعن عليه أئمة الفقهاء والصوفية ،وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضية ،وقالوا: إنه أدخل في علم الشريعة ما فارق به الجماعة ،فاستوجب بذلك القدح والشناعة، وملأ كتبه بالأحاديث الموضوعة ،وحشاها بالأخبار التي ليست بمروية ولا مسموعة ،وعلل فيها خفي الأمور الشرعية ،التي لا يعقل معناها بعلل ما أضعفها وما أوهاها )) .


وقال الشيخ محمد الحوت-رحمه الله- في"أسنى المطالب" (ص370) :

(( وكذلك كتب الترمذي الحكيم فيها جملة من الموضوع فلا يعتمد على ما انفرد به ،قال ابن أبي جمرة وابن القيم: إن الترمذي الحكيم شحن كتبه في الموضوع.)) .

وفي الإسناد -أيضاً- عمرو بن أبي عمرو لم أعرفه ولم يتبيّن لي من هو!
ومتن الحديث فيه نكارة بيّنة .

والله أعلم وهو الموفق والمعين.

& من أسند فقد أحال ومن أحال فقد برئ!

( من أسند لك فقد حمَّلك...من أسند لك فقد أحالك ...من أسند فقد أحال ...من أسند فقد برئت ذمته أو عهدته ... من أسند فقد أحال ومن أحال فقد برئ )!! 
عبارات مختلفة الألفاظ متفقة المعنى، يقولها أهل الحديث إعذارًا للسابقين من المصنفين الذين جمعوا الروايات فكان فيها الصحيح والحسن ودون ذلك.
والمعنى: أن من أسند لك فقد حملك البحث عن رجال السند ومعرفة مبلغهم من العدالة والجرح ، فهو بعمله هذا قد خرج من العهدة وبرئت ذمته.
وقد طعن على بعض أئمة الحديث أنهم خرجوا أحاديث الضعفاء والمتروكين والكذابين في كتبهم دون بيان لعللها، كما طعن به مثلاً على الحافظ أبي نعيم الأصبهاني وغيره.
وليس هذا في التحقيق مما يجرح به، وإن كان خلاف الأولى، وذلك من أجل أن الواحد من هؤلاء المخرجين يسند أحاديثه تلك، ومن أسند فقد أحال!
قال الإمام الألباني -رحمه الله- في تحقيقه لكتاب "اقتضاء العلم العمل"(ص 4):
"إن القاعدة عند علماء الحديث أن المحدث إذا ساق الحديث بسنده ، فقد برئت عهدته منه ، ولا مسؤولية عليه في روايته ، ما دام قد قرن معه الوسيلة التي تُمكِّن العالم من معرفة ما إذا كان الحديث صحيحًا أو غير صحيح ، ألا وهي الإسناد "ا.هـ.
وأول من ذكر هذه القاعدة في كتاب – فيما وقفت عليه – الإمام أبو عمر ابن عبد البر (ت : 463 هـ )-رحمه الله- حيث قال في "التمهيد "(1/3):" وقالت طائفة من أصحابنا مراسيل الثقات أولى من المسندات ؛ واعتلوا بأن ( من أسند لك فقد أحالك ) على البحث عن أحوال من سماه لك ؛ ومن أرسل من الأئمة حديثًا مع علمه ودينه وثقته فقد قطع لك على صحته وكفاك النظر "ا.هـ .
وهذا يدل على أن العبارة كانت مستخدمة قبله ، فهي قاعدة في الإسناد قديمة ؛ وقد استعملها العلماء في كتبهم إما بلفظها أو بمعناها ، وجاء - أيضًا - عنهم ما يدل على نقدهم للمرويات ، وإعذار من يروي بالإسناد ، فمن ذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في"قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة"(ص131):
" وما يرويه أبو بكر الخطيب ، وأبو الفضل بن ناصر ، وأبو موسى المديني ، وأبو القاسم ابن عساكر ، والحافظ عبد الغني ، وأمثالهم ممن لهم معرفة بالحديث ، فإنهم كثيرًا ما يروون في تصانيفهم ما رُوي مطلقًا على عادتهم الجارية ؛ ليعرف ما رُوي في ذلك الباب ، لا ليحتج بكل ما رُوي ، وقد يتكلم أحدهم على الحديث ، ويقول : غريب ، ومنكر ، وضعيف ، وقد لا يتكلم ".
وقال -أيضاً- في"الاستقامة"(2/67): 
"فالموجود من كتب الرقائق والتصوف ، فيها الصحيح ، وفيها الضعيف ، وفيها الموضوع ؛ وهذا أمر متفق عليه بين جميع المسلمين ، لا يتنازعون في أن هذه الكتب فيها هذا ، وفيها هذا ، بل نفس الكتب المصنفة في الحديث والآثار ، فيها هذا وهذا ، وكذلك الكتب المصنفة في التفسير ، فيها هذا وهذا ، مع أن أهل الحديث أقرب إلى معرفة المنقولات ، وفي كتبهم هذا وهذا ، فكيف غيرهم ؟
والمصنفون قد يكونون أئمة في الفقه ، أو التصوف ، أو الحديث ، ويروون هذا تارة ، لأنهم لم يعلموا أنه كذب ، وهو الغالب على أهل الدين ، فإنهم لا يحتجون بما يعلمون أنه كذب ، وتارة يذكرونه وإن علموا أنه كذب ، إذ قصدهم رواية ما رُوي في ذلك الباب .
ورواية الأحاديث المكذوبة ، مع بيان أنها كذب ، جائز ، وأما روايتها - مع الإمساك عن ذلك - رواية عمل فإنه حرام عند العلماء ، كما ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال :( من حدث عني حديثًا وهو يرى أنه كذب ، فهو أحد الكاذبين ) ؛ وقد فعل ذلك كثير من العلماء متأولين أنهم لم يكذبوا ، وإنما نقلوا ما رواه غيرهم ، وهذا يسهل إذ رووه ليعرف أنه رُوي ، لا لأجل العمل به والاعتماد عليه ". 
وقال الحافظ العراقي -رحمه الله - في"شرح التبصرة والتذكرة"(1/424)بعد أن ذكر حديثًا باطلاً طويلًا روي عن أُبي بن كعب-رضي الله عنه-في فضائل القرآن سورةً سورة :
" وكل مَنْ أودع حديث أُبَيٍّ - المذكور - تفسيره؛ كالواحدي، والثَّعْلبي والزمخشري مخطئ في ذلك؛ لكن مَنْ أبرز إسناده منهم، كالثعلبي، والواحدي فهو أبسط لعذره، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه من غير بيانه، كما تقدّم، وأما مَنْ لم يُبْرِزْ سنَده، وأورده بصيغة الجزم فخطؤُه أفحش، كالزمخشري ".
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله - معلقًا على كلام شيخه العراقي في"النكت على ابن الصلاح"(1/128):
" قلت : والاكتفاء بالحوالة على النظر في الإسناد ، طريقة معروفة لكثير من المحدثين ، وعليها ما صدر من كثير منهم ، من إيراد الأحاديث الساقطة معرضين عن بيانها صريحًا ، وقد وقع هذا لجماعة من كبار الأئمة ، وكان ذكر الإسناد عندهم من جملة البيان ".
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله -أيضاً أثناء ترجمته للطبراني في"لسان الميزان"(3/74):
" وقد عاب عليه إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي جمعه لأحاديث الأفراد مع ما فيها من النكارة الشديدة والموضوعات ، وفي بعضها القدح في كثير من القدماء من الصحابة وغيرهم ؛ وهذا أمر لا يختص به الطبراني ، فلا معنى لإفراده باللوم ؛ بل أكثر المحدثين في الأعصار الماضية - من سنة مائتين وهلمَّ جرَّا - إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته ؛ والله اعلم ".

والله الموفق والمعين.

وكتبه / د.خالد بن قاسم الردادي 
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
بالمدينة النبوية
 حمل كتاب (الأدلة الشرعية في بيان حق الراعي والرعية)
 المؤلف: محمد بن عبد الله بن سبيل
 المحقق: خالد بن قاسم الردادي
 الناشر: دار السلف للنشر والتوزيع
 سنة النشر: 1416 - 1995
مصطلح التمييع والمميعة .


الحمد لله وحده، والصلاة واالسلام على من ﻻ نبي بعده...وبعد:

فإن من المصطلحات التي يستعملها كثير من السلفيين اليوم - وذكرت عن غيرهم - لفظة "التمييع" فما لمقصود به، وهل يصح استعماله؟!
ونحن هاهنا -على عجالة- نبين معناه لغة ثم اصطﻻحا ومن ثم حكم استعماله وتداوله، وبالله التوفيق. 

معناه في اللغة:
- قال الأزهري في «تهذيب اللغة» (160/3):" ميع: قال الليث: ماع الماءُ يميع ميْعاً اذا جرى على وجه الأرض جرياً منبسطاً في هِينة. وكذلك الدم يميع وأنشد: 
كأنه ذو لبد دلهْمسُ...بساعديه جسد مورّس...من الدماء مائع ويُبّس.
وأمعْته أنا اماعة، والسراب يميع، قال: وميعة الحُضْر وميْعة الشباب أوله وأنشطه.
قال والميْعة: شيء من العطر. وفي حديث ابن عمر أنه سئل عن فأرة وقعت في سمن، فقال: «ان كان مائعاً فأرِقه، وان كان جامِساً فألْقِ ما حوله».
قال أبو عبيد في قوله: ان كان مائعاً أي ذائباً، ومنه سميت الميْعة لأنها سائلة.يقالُ: ماع الشيء وتميّع اذا ذاب، ومنه حديث عبدالله حين سئل عن المُهْل فأذاب فضّة فجعلت تميّع وتلوّن، وقال هذا: من أشبه ما أنتم راءون بالمُهْل ".
- وقال ابن فارس في «معجم مقاييس اللغة» (285/5): " موع: الميم والواو والعين: ماع الصفر والفضة في النار يموع ويميع ذاب ".
- وجاء في «المعجم الوسيط»(2/894):
" (ماع) الجسم اماعا واماعة: أساله، (انماع) السمن ونحوه ذاب، (الاماعة) تحويل جامد الى سائل أو غاز (المائعة) عطر طيب الرائحة جدا وصمغ يسيل من شجر وناصية الفرس اذا طالت وسالت (ج) موائع. (الميعة) عطر طيب الرائحة وصمغ يسيل من بعض الشجر وسيلان الشيء المصبوب وميعة الشيء أو له فميعة الشباب والنهار أولهما وميعة الحضر أوله ونشاطه وكذلك ميعة السكر".
فالمعنى لغة باختصار لما تقدم يدور حول اﻹذابة والسيولة واﻻنصهار.

معناه في اﻻصطﻻح:
لم أظفر- حسب مطالعتي - بمن عرف هذا المصطلح من أهل الاختصاص مع كثرة استعماله لدى المعاصرين في كلامهم وكتاباتهم؛ خلا ماقاله شيخنا اﻷستاذ الدكتور ربيع المدخلي-حفظه الله-
فقد سئل-وفقه الله- عن معنى التمييع فأجاب بما نصه: " السؤال: نسمع كثيرا من فضيلتكم اصطلاح ( التمييع ) نرجو منكم بيان هذا المصطلح، و ما رأيكم فيمن يُنكر هذا الاصطلاح ؟ 
الجـواب: هذا ما هو اصطلاح، هذا كلمة عابرة تُقال ، لكن يُقصد بها: أن أناسا يأتوا إلـى أصول الإسلام يميعونها، و يرققونها ويهونون من شأنها بل يحاربونها، بارك الله فيك....( من شريط "هل الجرح و التعديل خاص برواة الحديث؟" ).
وكلام الشيخ - حفظه الله - في مكانه مع أنه لم يرد التعريف اﻻصطلاحي، وإنما مقصوده دﻻلة واستعمال هذه الكلمة.
و( التمييع )يمكن تعريفه اصطلاحاً من خلال استعمال أهل العلم من السلفيين له بما يأتي:
( مخالفة الكتاب والسنة ومنهج السلف، والليونة والميل والسهولة مع أهل البدع واﻷهواء بالسكوت عن بدعهم ومداهنتهم وعدم الرد عليهم والتقليل من خطرهم وفسادهم ).
وأحب هاهنا أن أؤكد على أمر ينير الدرب في التعامل مع المصطلحات الحادثة، وهو:
إن هذه المصطلحات الحادثة في العقيدة ليست على وتيرة واحدة حتى نعمها بحكم واحد، بل هي من حيث مضمونها ودلالتها ومغزاها على ثلاثة أقسام:
1- أن يكون اللفظ أو المصطلح صحيح المعنى والدلالة ، ويراد به حقٌ ، فهذا يقبل ولا يرد مثل: لفظ العقيدة ، وخبر الواحد ، ولازم القول والفعل، وتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام و... 
2- أن يكون اللفظ فاسد المعنى والدلالة ، ويراد به باطل ، فهذا يرد ولا يقبل ، مثل لفظ: 
الاتحاد، ووحدة الوجود، والتشبيه، والثليث، والرجعة، والعصمة عند الشيعة؛ وإذا ذكر فلبيان فساده . 
3- أن يكون اللفظ أو المصطلح محتملاً للحق والباطل والصحة والفساد فهذا لا يقبل بإطلاق ولايرد بإطلاق ، بل لابد فيه من التفسير والتفصيل فيقبل ما كان حقاً ، ويرد الباطل والفاسد وتحت هذا القسم يدخل جملة كبيرة من ألفاظ أهل الكلام وأهل الذوق من أهل هذه الملة، و ألفاظ حديثة مستوردة.
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمه الله- كما في"مجموعة الرسائل والمسائل"(3/87) :
" وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها؛ فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده، فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره.ثم التعبير عن تلك المعاني إن كان في ألفاظه اشتباه أو جمال عبر بغيرها أو بين مراده بها، بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي، فإن كثيراً من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة ومعان مشتبهة، حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها، ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره فضلاً عن أن يعرف دليله، ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئاً بل يكون في قوله نوع من الصواب، وقد يكون هذا مصيباً من وجه، وقد يكون الصواب في قول ثالث ".
وعليه فلا ريب أن مصطلح (التمييع) من القسم اﻷول الذي ذكرناه وهو:
أن يكون اللفظ أو المصطلح صحيح المعنى والدلالة ، ويراد به حقٌ ، فهذا يقبل ولا يرد، و(ﻻ مشاحة في الاصطﻻح) كما يقال، ومن حاول جاهدا إنكار هذا المصطلح وإلصاقه بالحزبيين وأن سيد قطب هو من جاء به ونثره في مصنفاته وأطروحاته!!
نقول له: ﻻ ضير فسيد قطب استعمله لمراده في الباطل، ونحن لمرادنا في الحق، وهذا مشترك لفظي ﻻ يوجب النفور منه أو غمز بعض أهل السنة به ﻻستعمال بعض أهل البدع له.
قال شيخ اﻹسلام ابن تيمية-رحمه الله- كما في"مجموع فتاواه"(5/37) :
" وَلْيَعْلَمْ السَّائِلُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ ذِكْرُ أَلْفَاظِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ نَقَلُوا مَذْهَبَ السَّلَفِ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْ قَوْلِهِ - مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَغَيْرِهِمْ - يَقُولُ بِجَمِيعِ مَا نَقُولُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ ؛ وَلَكِنَّ الْحَقَّ يُقْبَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ ؛ وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَقُولُ فِي كَلَامِهِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ ؛ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ : اقْبَلُوا الْحَقَّ مِنْ كُلِّ مَنْ جَاءَ بِهِ ؛ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا - أَوْ قَالَ فَاجِرًا - وَاحْذَرُوا زيغة الْحَكِيمِ . 
قَالُوا : كَيْفَ نَعْلَمُ أَنَّ الْكَافِرَ يَقُولُ كَلِمَةَ الْحَقِّ ؟ قَالَ : إنَّ عَلَى الْحَقِّ نُورًا أَوْ قَالَ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ ". 
وكثيرا ما نجد شيخ الإسلام -رحمه الله- ينهى عن الألفاظ المشتبهة التي يحصل بسببها الخلاف، و ما نحن بصدده ليس من ذلك القبيل البتة.
فيتأكد مما سبق أن هذا(المصطلح)ليس وليد من تأثّر بكتابات سيّد فقط، بل هناك من أهل العلم من كان سلفياً منذ بدايته و لم يتأثّر بسيّد وكتاباته البتة، ومع ذلك ذكر هذا المصطلح واعتمده، فمنهم على سبيل المثال ﻻ الحصر :
- الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- .
- الشيخ محمد أمان الجامي -رحمه الله-.
- الشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله-. 
- الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-. 
- الشيخ أحمد النجمي -رحمه الله-.
- الشيخ صالح الفوزان-حفظه الله-.
و هذا الاصطلاح قد انتشر بين السلفيين و تداولوه أيما تداول، وكلّ من ردّ على سيّد قطب وبين ضلاله وانحرافه، قد استعمل هذا المصطلح بكثرة؛
وعلى رأسهم شيخنا الشيخ ربيع المدخلي-وفقه الله-، و غيرهم كثير.
فهو مصطلح جائز شائع بين قامات أهل العلم السلفيين -كما تقدم- ﻻ غضاضة فيه، وﻻ حرج منه، وﻻ تثريب على من استعمله البته، فاربعوا على أنفسكم يا من تحاولون جاهدين متعسفين إنكاره وذم القائلين به، والله الموفق والمعين.

وكتب/

د.خالد بن قاسم الردادي 
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
بالمدينة النبوية